القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
الجهل وآثاره
18531 مشاهدة
الوسائل التي تزيل الجهل وتمحو الأمية عن المسلمين

، وحيث عرفنا هذا الجهل وأنه بهذه المثابة وأن له آثارا سيئة، فإننا نحث إخوتنا على أن لا يبقوا على هذا الجهل، ويؤسفنا أن في هذه البلاد في الرياض المدارس الليلية الكثيرة ولا يدخلها إلا القلة أو الأصاغر أو نحو ذلك، يؤسفنا أن هناك حلقات علم كثيرة يقيمها العلماء في بيوتهم أو في مساجدهم ولا يحضرها إلا القليل، والكثير لا يحضرونها، ويؤسفنا أن الكثير من المحاضرات أو الندوات ونحوها لا يحضرها إلا قلة بالنسبة إلى الأكثر من الذين ينفرون أو يذهبون أو نحو ذلك ، يؤسفنا أن في صلاة الجمع -مثلا- يمتلئ المسجد وتمتلئ أطرافه وإذا قام بعد الصلاة إنسان ليعظ أو ينصح أو يذكر هربوا ولم يبق عنده إلا قلة قليلة وكأنهم في سجن وفي ضيق أو كأنهم مستغنون عن الفائدة ونحو ذلك، وهذا -أيضا- إعراض عن العلم وإعراض عن أسبابه، يؤسفنا أن كثيرا يبقون على جهلهم وهم يعرفون أن هناك علماء وهناك مفتون ومعلمون ونحو ذلك .
فأنا -مثلا- أجلس في المكتب لأتقبل الذين يأتون يسألون، ولكن الذين يسألون بواسطة الهاتف أو مشافهة غالب أسئلتهم لا تتعلق بالدين، إنما تتعلق بالمعاملات أو بالطلاق ونحو ذلك ، إذا وقع أحدهم في طلاق أو في ظهار أو في تحريم أو ما أشبه ذلك بحث وسأل، فطوال عمره - عشرين سنة أو أكثر- ما اهتم ولا سأل فلما وقع عليه الأمر أراد أن يسأل ، لماذا بقيت على جهلك هذه السنوات حتى وقعت في هذا التحريم أو في هذا الظهار أو في هذا الطلاق أو في هذا الحلف الذي لم تف به، فلو كنت عالما أو متعلما أو مهتما بالعلم لما وقعت في هذا الجهل ، وهؤلاء الذين يأتون ويسألون عن وقائع وقعت بهم يقول أحدهم: أنا حلفت بكذا، أنا وقع مني كذا، أنا نذرت أو ما أشبه ذلك، إنما يسألون عن شيء ابتلوا به فقط ويحاولون التخلص منه.
لماذا لم يسألوا من قبل ؟ لماذا لم يتعلموا؟ لقلة الاهتمام ، هل عندهم أشغال تقطعهم وتعوقهم ؟ ليس الأمر كذلك بل الكثير منهم عندهم فراغ كثير بحيث يقول بعضهم: نحن عندنا، وقت طويل عندنا فراغ ونمل من هذا الفراغ، وإذا مللنا لا بد أن نشغل وقتنا هذا بشيء حتى نقطع الوقت عنا، فنشتغل باللعب بالورق حتى إذا جاء وقت الصلاة قمنا ، فسبحان الله أما عندكم شغل غير هذا اللعب ! لماذا لا تقرؤون القرآن ؟ لماذا لا تتدارسونه بينكم؟ لماذا لا تحفظون كتاب الله هل منكم من حفظ القرآن عن ظهر قلب ؟ يقولون لا نعرف ، لماذا لا تتعلمون حتى تعرفوا، أليس عندكم أمور تهمكم ؟ لماذا لا تتزاورون في ذات الله وتتبادلون النصيحة ؟ لماذا لا تزورون العلماء وتبحثون معهم وتسألون؟ لماذا لا تقتنون كتب الدين وكتب العلم وتقرؤونها ، وتقضون بها أوقاتكم، هذا الوقت الذي هو طويل عندكم -كما تقولون- سوف تجدون ما تقضونه به، فلا عذر لكم بأن تبقوا على هذا الجهل إذن فنحن نقول: لا عذر لأحد في البقاء على الجهل ، سيما في هذه الأزمنة فقد توفرت -والحمد لله- الأسباب التي يزول بها الجهل .